الارشيف / عرب وعالم

الاعتراف بـ"مذابح العثمانيين" يشعل فتيل أزمة بين فرنسا وتركيا

محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 30 أبريل 2024 07:06 مساءً - بدأت تلوح في الأفق بوادر أزمة قوية بين فرنسا وتركيا، وذلك على خلفية مصادقة الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) على مشروع قانون يدعو الحكومة إلى الاعتراف بـ"مذابح ارتكبتها السلطات العثمانية ضد الآشوريين الكلدانيين كإبادة جماعية في الأعوام ما بين 1915-1918" بحسب ما جاء في نص القرار.

وصوت جميع النواب لصالح القرار، باستثناء النواب من فرنسا حزب فرنسا المتمردة (يسار متطرف)، الذين امتنعوا عن التصويت.

ونددت تركيا بـ"الاتهامات التي لا أساس قانونيًّا وتاريخيًّا لها"، إلا أن هذا الاعتراف من شأنه أن تكون له تأثيرات على العلاقات بين باريس وأنقرة.

وبين عامي 1915 و1918، تقول طائفة الآشوريين إنّ أسلافهم في شمال بلاد ما بين النهرين (المناطق الجنوبية الشرقية من تركيا الحالية والمنطقة الشمالية الغربية من إيران) تعرضوا للقتل والتشريد القسري على يد القوات العثمانية والأكراد.

ويدعو قرار البرلمان الفرنسي، الحكومة "إلى الاعتراف رسميًّا، باعتبار ما حدث، ذا طابع إبادة جماعية، أدى إلى قمع التراث الثقافي لأكثر من 250 ألفًا من الآشوريين الكلدانيين"، فيما يؤكد قرار البرلمان على ضرورة "إدانة الحدث".

خطوة تؤجج التوترات

قال الباحث السياسي الفرنسي، والمستشار السياسي بالأمم المتحدة، أوليفييه دوزون، إن هذه الخطوة ستؤجج التوترات الفرنسية التركية المستعرة بالفعل، لاسيما فيما يتعلق بملف الهجرة غير الشرعية.

وأوضح أن "فرنسا وتركيا لا تزالان في حالة توتر سياسي مستمر؛ لكون الأخيرة تحصل على ثروة من أجل الحد من الهجرة غير الشرعية لأوروبا وتضغط على أوروبا بتلك الورقة".

وأضاف "فرنسا تدعم الأرمن، ومن المعلوم أن هناك العديد من الفرنسيين من أصل أرمني في فرنسا، خاصة في منطقة باريس ومرسيليا"، لافتًا إلى أن "الأرمن في قره باغ العليا مهددون بالإبادة على يد الأذربيجانيين المدعومين من تركيا".

كما أشار إلى أن السفير التركي في فرنسا هو زميل سابق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في المدرسة الوطنية للإدارة، وهذا ربما يسهم في تخفيف التوترات بين أنقرة وباريس.

اعتراف رمزي

يعد هذا الاعتراف ضروريًا لمتخصصين مثل جوزيف يعقوب، الأستاذ الفخري للعلوم السياسية في الجامعة الكاثوليكية في ليون، وهو آشوري كلداني، يقول إنّ أجداده قتلوا أثناء "الإبادة" على حد وصفه.

وأوضح يعقوب أن "الاعتراف يحمل طابعًا رسميًّا وقانونيًّا، ومهدئ للمجتمع، والأمر ذاته يندرج على السكان الأرمن، ممن ماتوا أثناء الترحيل، سواء من الجوع أو المرض جرّاء تعرضهم للأوبئة".

وأشار يعقوب في تصريح لـ"الخليج 365" إلى أن "القرار حقق العدالة لمجتمع شهد العديد من المآسي في التاريخ، خاصة في عام 1915"، لافتًا إلى أن "الذين فروا من الاضطهاد عام 1915 هم أنفسهم الذين طاردهم تنظيم داعش في العراق وسوريا".

فكرة الإبادة الجماعية

ووفقًا للعديد من الباحثين والأكاديميين، فإن "فكرة الإبادة الجماعية المطبقة على مذابح الآشوريين الكلدانيين لم تعد موضع نقاش اليوم بين المؤرخين"، خاصة في السنوات الخمس عشرة الماضية، لأن هذه الحلقة التاريخية يتم توثيقها بشكل متزايد.

وبالنسبة لريموند كيفوركيان، المؤرخ والمتخصص البارز في الإبادة الجماعية، لم يعد السؤال مطروحًا.

وقال كيفوركيان في تصريحات لـ"الخليج 365" إنه "لم يعد يتحدث عن الإبادة الجماعية بمعزل عن الأرمن"، مضيفًا: "لا ينبغي عزل الإبادة الجماعية للأرمن عن العنف الذي تعاني منه المجموعتان الأخريان: الآشوريون الكلدانيون والسكان اليونانيون".

وتابع "اليوم، يعيش جزء كبير من الطائفة الآشورية الكلدانية - مليون ونصف المليون شخص في جميع أنحاء العالم - في المنفى، خاصة في أمريكا الشمالية وأوقيانوسيا وأوروبا وتحديدًا في فرنسا"، لافتًا إلى أن هذا المجتمع يعمل منذ فترة طويلة من أجل الاعتراف بالإبادة الجماعية.

Advertisements
Advertisements

قد تقرأ أيضا